لقد ظل العالم العربي خارج التاريخ زمنًا طويلًا كأن لم يكن له هدف؛ فاستسلم المريض للمرض، وفقد شعوره بالألم حتى أصبح المرض جزءًا من كيانه . وقبل بداية القرن العشرين سمع من يذكّره بمرضه، ومن يحدّثه عن العناية الإلهية التي استقرت على وسادته؛ فلم يلبث أن خرج من نومه العميق ولديه الشعور بالألم. وبهذه الصحوة الخافتة، تبدأ بالنسبة للعالم الإسلامي والعربي حقبة تاريخية جديدة يطلق عليها: (النهضة ). ولكن ما مدلول هذه الصحوة؟ إن من الواجب أن نضع نُصْب أعيننا (المرض ) بالمصطلح الطبي؛ لكي تكون لدينا فكرة سليمة عنه؛ فالحديث عن المرض أو الشعور به لا يعني (الدواء ). يأخذنا المفكر (مالك بن نبي ) في جولة بين الماضي والحاضر والمستقبل؛ واضعًا يده على المرض الحقيقي للأمة، ويضع لها المعادلة الصحيحة للعلاج؛ من أجل الانطلاق نحو النهضة الحقيقية والحضارة الحقيقية؛ موضّحًا مشكلة الشعوب اليوم، ولحظة الانطلاق من التاريخ، وأهم العوامل الأساسية التي تحتاجها الأمة لتثبيت أقدامها في طريق النهضة.
إن مشكلة كل شعب هي - في جوهرها - مشكلة حضارته .. ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته اذا لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية .. واذا لم يتعمّق في فهم العوامل التي تَبْني الحضارات أو تهدمها .. وما الحضارات المعاصرة والحضارات الماضية والحضارات المستقبلية إلا عناصر للمَلْحَمة الإنسانية منذ فجر القرون إلى نهاية الزمن.
عندما برق في أفقنا فرس الأمير (عبد القادر ) في وثبته الرائعة كان الليل قد انتصف منذ وقت طويل .. ثم اختفى سريعًا شبح البطل الأسطوري كأنه حلم طواه النوم .. وكان (عبد الكريم الخطابي ) آخر من ارتشف من كأس البطولة الموروثة عن أجدادنا الأوائل .. ولكن شمس المثالية ما تزال تواصل سيرها .. وسرعان ما انبلج في الفجر في الأفق من بلاد الأفغان صوت ينادي بفجر جديد .. (جمال الدين الأفغاني ) موقظ هذه الأمة إلى نهضة جديدة ويوم جديد.
الكلمة تستطيع أن تغير في المجتمع حين تثير عواصف في النفوس تغير الأوضاع العالمية .. وهكذا كانت كلمة (جمال الدين ) .. شقت طريقها في الجموع النائمة كالمحراث؛ فأحيت مواتها .. ثم ألقت وراءها بذورًا لفكرة بسيطة (فكرة النهوض ) .. فسرعان ما آتت أكلها في الضمير الإسلامي ضعفين وأصبحت قوية فعالة .. بل غيرت ما بأنفس الناس من تقاليد .. وبعثتهم إلى اسلوب جديد في الحياة
ظهرت النظريات الاجتماعية التي كانت يومئذ رائجة في سوق الأفكار .. ظهرت هذه النظريات في أفكار الشباب المتطلعين إلى التجديد .. فهذا يرنو إلى المذهب الكمالي .. وذاك يأخذ بالمذهب الوهابي .. وذلك ينزع إلى التمدن الغربي .. ومنهم من انحدر بفكره إلى مذهب المادة .. وكانت القيادات والاتجاهات على الرغم من اختلافها متفقة على نقطة .. إرادة الحركة والتجديد والفرار من الزوايا الخرافية إلى المكاتب العلمية.
من الممكن ان يتم استغلال التفكير العشوائي لاغراض خبيثة وخاصة في العصور المضطربة .. عندما تؤدي كل خطوة خاطئة إلى الموت أحيانًا .. فليس للانحراف طرق مرسومة نظريًّا .. ولكن له دروبًا مظلمة يتعثر فيها السائر في كل خطوة .. وعندما نشأت التيارات الحزبية التي انعكس فيها روح السمو وقوة الصعود إلى عاطفة سفلية وجاذبية سطحية كان الانحراف .. ومن المحزن أن العالم الإسلامي قد استسلم للرقاد فلم يفطن لساعات التاريخ الفاصلة .. ولم يحاول انتهاز فرصتها السانحة ليتخلص من الاستعمار.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان